كما أن هناك ثلاث صعوبات مركزية تتفرع عنها عشر صعوبات فرعية، تؤثر بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة على الأفراد عند اتخاذ القرار المهني، وهذه الصعوبات قد تواجه الطالب/ة قبل اتخاذه/ا قراره/ا المهني، وتتأثر حدتها عموماً بعوامل التنشئة الاجتماعية، وبعوامل شخصية أخرى كالثقة بالنفس والتصور عن الذات والشعور بالقدرة العامة، وقد تواجه هذه الصعوبات الطالب/ة في الوقت الذي يكون/تكون فيه محتاجا/ة لاتخاذ قراراته/ا المهنية.
إن الطلبة/الطالبات بصورة عامة فيما يتعلق بالخيار المهني أو حتى بالقضايا المتعلقة بالصعوبات يفضلون/يفضلن التوجه والاعتماد على المساعدات غير الرسمية، أو على طلب المعونة من الأسرة أو من الأصدقاء أو من الأقارب، ونستطيع القول بناء على تلك النتائج أن الأهالي هم العنوان الرئيس لطلب المساعدة، ولذا على الآباء والأمهات لعب دور أساسي في إرشاد أبنائهم في اتخاذ قراراتهم.
وعلى الأهل الانتباه إلى الأمور التالية:
1. إن تدريب المراهق/ة على اتخاذ القرار المهني لا يبدأ اليوم وإنما في مراحل الطفولة المبكرة، لذا علينا أن نُعلم أبناءنا ونساعدهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، ومشاركتهم في صنع القرار في البيت، خاصة فيما يخصهم من قرارات، وذلك بدءا من سنوات ما قبل المراهقة.
2. أن نسمح لأبنائنا بارتكاب الأخطاء والتعلم منها.
3. أن نعلمهم كيفية اتخاذ القرار، ونناقشهم في تبعات كل قرار.
4. أن نكون واعين بأن هذه العملية ليست بالسهلة وخصوصاً وأن القسم الدماغي المسؤول عن التفكير الإبداعي، والربط بين السبب والنتيجة والتخيل وقياس المخاطر، ليس متطورا بشكل كاف حتى سنوات المراهقة المتأخرة.
5. أن نتقبل قراراتهم قدر الإمكان ونناقشهم فيها.
إن الفطرة والغريزة الوالدية ليستا كافيتين لتربية الأبناء تربية سليمة، لذا نرى الكثير من الآباء والأمهات الجدد يحصلون على المساعدة في هذه المهمة الصعبة من خلال شبكات اجتماعية وطبية ومهنية تقدم لهم المساندة والعون، ولا شك بأن كل أب وأم لديهم الوعي الوالدي الغريزي ولكن من المهم أن يحصلوا على المهارات الضرورية للتواصل مع أبنائهم وتربيتهم بصورة سليمة.
أردنا مما سبق توضيح بعض النقاط التي تجعل الأب والأم قادرين على بناء علاقة آمنة بينهم وبين أبنائهم، فالعلاقة الآمنة هي اللبنة الأساسية في عدة مركبات شخصية مهمة، كالشعور بالقدرة، والشعور بالثقة بالنفس، لا بل وبتصور المراهق لذاته.
ومن أجل بناء علاقة سليمة آمنة بين الأهل والأبناء ترفع من قدرة الأهالي على السيطرة على توترهم وغضبهم، وتزيد من تقبلهم لأطفالهم وتفهِّم احتياجاتهم، عليكم:
1. أن تكونوا مستمعين جيدين لأبنائكم، وألا تكثروا الكلام عن أنفسكم، وألا تعطوا الكثير من العظات والنصائح، فالكثير منها لا يستطيع أبناؤكم فهمه، ولا يعرفون كيف يطبقونه بالواقع.
2.كونوا قدوة لأبنائكم، فالآباء والأمهات هم النموذج الرئيس الذي يحتذي به الطفل، والأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الرئيسة التي تشكل أفكار الفرد، وميوله، وآرائه، ومعتقداته وسلوكياته، ولذا عليكم الانتباه لكلامكم وأفكاركم وتصرفاتكم، فلا يمكن أن تعلموا أطفالكم اتخاذ قرارات ولا تعطوهم فرصة لذلك، أو أن تكونوا أنتم بأنفسكم غير قادرين على اتخاذ قرارات بسيطة.
3. قوموا بالاطلاع على كل ما يتعلق بالمراحل العمرية التي يمر بها أبناؤكم، وصفات تلك المراحل واحتياجاتها، والسلوكيات المتوقعة في تلك الفترة، والمهارات التي على الأطفال تعلمها خلال تلك الفترة، سواء على المستوى الاجتماعي والمعرفي وغيرهما، فإن تلك المعارف تساعدكم على تفهم طبيعة المرحلة التي يمر بها أطفالكم، وتوفر عليكم الكثير من الغضب، كما تساعدكم في بناء توقعات صحيحة عن أبنائكم.
4. لكل ابن وابنة شخصيته/ا وميوله/ا الخاصة، قوموا باحترام ذلك وتوجيه ميولهم بالاتجاه الصحيح. يقول جبران خليل جبران في كتاب النبي: "أبناؤكم ليسوا لكم، أبناؤكم أبناء الحياة، إن الحياة لا تبيت في مساكن الأمس" فمن المهم فهم المقولة، فأبناؤنا ليسوا مضطرين بأن يكملوا النقص لدينا، أو أن يكونوا صورة طبق الأصل عنا.
5. امنحوا أبناءكم قدرا كبيرا من وقتكم، فالأبناء يكبرون وسيتركون المكان الذي عاشوا فيه، لذا خصصوا أكبر عدد من الساعات بالجلوس والحديث وتناول الطعام معهم، كما قوموا بنقاشهم حول مشاكلهم وقضاياهم، هل تعلمون أن الأبناء الذين كان يحرص أهلهم على تناول وجبة أساسية معهم كانوا أفضل من غيرهم في الكثير من المجالات؟!
6. إذا شعرتم بالضيق أو شعرتم بالحاجة للاستشارة، فلا تترددوا بالتوجه إلى مراكز الإرشاد، وأخذ المشورة من المرشد/ة التربوي/ة في المدرسة، أو الحديث مع شخص قريب لكم تستطيعون نقاش الأمور معه.